الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

دولا مين ودولا مين


الارض بتتكلم عربي وكردي وارمني... لكن الناس تسمع انكليزي وفرنسي، والاسوأ انهم/ن يتكلمن انجليزي اوفرنسي بينما يحاولن تحرير الارض!

ان اهم اسلحة الهجوم ضد الشذوذ الجنسي انه "خارج عن الحضارة والهوية" الخاصتين بالشعوب الناطقة بالعربية او الرازحة تحت الهيمنة العربية. انه "استيراد من الغرب" و"هجوم لتدمير الهوية والثقافة"، انه "مؤامرة اميركية او صهيونية لاستهداف شبابنا"! ينسى اصحاب هذا الهجوم، او يتناسوا، ان الاحتلال الاسلامي للاندلس اسقط العقاب المفروض من المتشددين المسيحيين على المثلية الجنسية، او يتناسوا مثلية ابو نواس على سبيل المثال، او اشعار الرومي الصوفي المليئة بالغزل المثلي حتى بالله ذاته.

ويتناسوا ان المثلية الجنسية ليست بعدوى ولا بهواية ولا بدورة تعليمية تمكن من ليس/ت مثلية من اتقان لعبتها. انا اتكلم عن تجربة خاصة، لا بل تجارب عدة. لقد حاولت مرات عديدة "تحويل" بعض الرجال الى مثليين انصياعا لرغبتي باجسادهم، وفشلت فشلا ذريعا! الامر مستحيل! فارتاحوا، انتم بامان الا ان كنتم مثليين ومثليات تقمعون رغباتكم/ن وهوياتكم/.

يقفز العديد من المثليين/ات والشاذين/ات الى التأكيد على هويتهم/ن القومية والحضارية وانتماءهم/ن الى الارض والمجتمع والدولة. ولكن ويا للعجب يقومون ويقمن بهذا باللغة الانكليزية او الفرنسية. سنسقط هنا نقاش فكرة "الكوول" (cool) لانني اجدها مهينة جدا لوقت القارئة/القارئ الثمين، وسننتقل مباشرة الى التكلم عن بناء هويتنا، التكلم عن بعثنا احياء في الذاكرة الشعبية وفي حياتنا اليومية. كيف نخطط لان نقوم بهذا في لغة ليست لغتنا؟ كيف نُعرِّف من نحن بلغة لا تفهمها جدتنا ولا جارتنا مريم؟ ا

لبعض يعلل الامر بالقول "لكنني ارتاح اكثر باللغة الانكليزية، لا اعرف كيف نقول "لزبيان" في اللغة العربية!" ام يقولون "لكنني لا استطيع الطباعة باللغة العربية، اكتب اسرع باللغة الانكليزية" او يرمون حجة "بالعربي اشعر كأنني في مسلسل مكسيكي، او انني في جامع الرادوف" ثم يستشاطون مدافعة عن انه "يجب ان يسمع العالم بنا، وان نوصل رسالتنا عالميا" ثم يعزفون لحن "ولكن عربيتي ليست جيدة بما فيه الكفاية! درست باللغة الانكليزية وكل قرائاتي هي بهذه اللغة." (اوه نو!)


اولا اوافق انهم سلبونا لغتنا في لبنان والمغرب وتونس وفلسطين المحتلة … الخ. ولكنهم ايضا سلبونا هويتنا الجندرية والجنسية وكل جوانب هوياتنا الاخرى. ان معركة وجودنا هي على مستويين، اولا الدفاع عن انفسنا ووجودنا، وثانيا خلقنا من جديد وكتابة تاريخنا مستقبلنا! اعترف ان الحرب ليست سهلة وجبهات المعارك متعددة وطاحنة، ولكن لا بد من التفكير اننا اذا ركزنا على جبهة واحدة فإن العدو سيحتلنا من الجبهة الاخرى وسنصبح في مكان حيث العدو من امامنا وخلفنا والبحر الى جانبي طريقنا. نحن امام حلين اما تعلم السباحة (هذا اذا فكر احد بالسباحة وصولا الى بر امان مفترض وجوده) او البدء باستعادة من نحن، بكتابة وتكلم وسماع من نحن... ناطقين وناطقات باللغة العربية (او لغاتنا الام).

اما اذا كنا نرى ان تعلم الطباعة باللغة العربية امر صعب ومتعب، فهنا اسدل الستارة. اسدلها لانني لا اعرف كيف ننوي خوض معركة اكثر صعوبة، معركة الدفاع عن انفسنا في وجه رهاب المثلية والتغاير الجنسي، معركة في وجه رهاب النساء وتحقيرهن! قد اوافق ان لغتنا العربية ليست بالمستوى المطلوب، لهذا يكفي النظر الى كتاباتي. ولكن تحسينها ليس بهذه الصعوبة، وبالتأكيد انه اقل صعوبة وخطر من الانزلاق في تأكيد وممارسة خسارة هويتنا الحضارية. اتفهم اننا قد نشعر براحة اكبر بالتعبير باللغات الغربية المهيمنة كوني مررت بهذه التجربة، ولكن الا نرى هذا غريبا وخطيرا؟ الا نرى انه من الغريب ان نشعر ان لغتنا الام هي صوت المسلسلات المكسيكية التافه، او صوت الجامع المتشدد؟ متى سنواجه من نحن عليه؟ متى سنبدأ المعركة من موقعها الاصلي، من اصغر زاوية في مطبخ منزلنا؟ متى سنهتم بالبحث والتنقيب عن تاريخنا وتراثنا المثلي العربي؟ لا يمكننا بناء المستقبل قبل تجميع صورة الماضي. متى سنبدأ بايجاد كلمات بلغتنا تعبر عنا وتسمينا؟ هذا يتطلب الكثير من العمل ونحن بحاجة الى كل الطاقات لترجمة وجودنا الى العربية. متى سنبدأ بأخذ الخطوات الاولى تجاه هوية محقة مستوحاة من عالمنا نحن من ارضنا نحن؟ ا

ن الفخر المثلي وتدمير الشعور بالعار والذنب هم من ركائز نضالنا. ولكن الفخر بهويتنا الحضارية وانتمائنا الى مجتمع ما امر لا بد منه في سبيل تثبيت وجودنا في ذلك المجتمع، نحن الشاذين والشاذات والنساء اعلم من غيرنا باهمية التشبث بهويتنا، والفخر بها وتدمير العار والذنب والشعور بالنقص! حتى ولو سافرنا وعشنا في بلاد اخرى، هذا لا ولن ينفي ذاكرتنا وعواطفنا ولو حتى تجاه مذاقات وروائح واناس من ارضنا. لا يخفى على احد الارتباط العميق باللغة الام الذي يجتاح حياة من يغادر بلده /ها الام. ان اكثرية المناضلين والمناضلات في العالم وصلوا ووصلن الى استنتاج اهمية التمسك باللغة الام وممارستها كتكتيك نضالي ومعركة يومية لاثبات الوجود والهوية.

الامر مهم جدا وليس بصعوبة المستحيل. حتى المستحيل اجتماعيا وسياسيا... وحتى جندريا وجنسيا قابل للتغيير! اليس هذا ما نحن بصدده؟ الوصول لما يراه المجتمع مستحيلا؟ وجودنا وحريتنا! المهم هو الاعتراف بمن نحن... جنسيا وجندريا … واجتماعيا وحضاريا! يجب علينا ان نبدأ بكتابة انفسنا، بإعادة كتابتنا نحن لانهم امحوا ذكرنا من الذاكرى والتاريخ والحاضر والمستقبل. لقد مسحوا وجودنا لغويا! آن الاوان ان نبدأ بنقل الحرب الى عقر دارهم ودارنا... الى اجمل ما في هويتنا الحضارية، الى لغتنا الام.

آن الاوان ان نقول "تصبحون وتصبحن على خير" تصبحون وتصبحن على اللغة العربية... او الكردية او الارمنية او... او... الخ

تصبحن وتصبحون على انفسكن وانفسكم!

=================================
إهداء الى رائدة وساندي

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مقال جميل. لطالما استسهلت استعمال كلمات مثل لوطي وسحاقية ولطالما استهجنها الكثير. ربما يكمن "النضال" في تغيير المفهوم السلبي لهاتين الكلمتين وغيرها من المثيلات.

أود لفت النظر الى القليل من الأخطاء في الكتابة وأدعوك الى التحقق من خلو مقالك 100% من الأخطاء الاملائية وغيرها قبل النشر.

وشكراً
شادي

غلام ابي نواس يقول...

شكرا، وشكرا على لفت النظر بخصوص الاغلاط اللغوية. كما ذكرت في المقال، انا احاول ان احسن لغتي العربية وان اتعلم، الطريق طويل ولكن النية والعزم موجودين :)